هو قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح

ماريهان أحمد

كل ما هو قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح يجب أن يكون في نفس المُسلم الصادق مع الله، فمن يهبه الله التمكين في الأرض يكون عبدًا ربانيًا مطيعًا لخالقه تنأى نفسه عن فعل كل ما هو مُحرم.. هو من يشهد بلسانه وقلبه وجوارحه بأوامر الله.

هو قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح

هو قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح

إنّه معتقد أهل السنة والجماعة في حقيقة الإيمان، فلابد وأن يتكون من 3 أجزاء.. فيكون قولًا واعتقادًا وعملًا.

قال الشافعي –رحمه الله-: الإيمان قول وعمل ونية، لا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر “.
قال البخاري –رحمه الله-: كتبت عن ألف نفر من العلماء وزيادة، ولم أكتب إلا عمن قال: الإيمان قول وعمل، ولم أكتب عمن قال: الإيمان قول”.

فلا يقتصر الإيمان على القلب فقط، فلا نتخيل أن يعزم أحدهم على أنه مؤمنًا باعتقاده القلبي، ويقول الكذب ويقوم بالربا.. فهذا من لا يُعتبر من قبيل الإيمان.

هناك الكثير من الأدلة النقلية التي تثبت أن الإيمان هو قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، استند إليها الإجماع من الكتاب والسنة النبوية المطهرة.

إن زال أي من تلك الأركان، زال الإيمان بأكمله، ويقول ابن القيم في كتابه: “ الإيمان أصل له شعب متعددة، وكل شعبة تسمى إيمانًا “.. على أن الكفر والإيمان متقابلان، فإن زال أحدهما خلفه الآخر.

لا يفوتك أيضًا: آيات قرآنية عن النظافة من الإيمان

أولًا: واجب اللسا ن

أن يتلفظ بالشهادة كل من قدر على قولها، وفي الشهادتين معنى الإيمان الحقيقي، على أن اللسان يقول كل ما به طاعة، والطاعة من الإيمان، كذلك التكلم بكلمة الإسلام “ لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله ”تعتبر من أركان الإيمان الستة، فلا يصح إلا بها.

سورة البقرة الآية 136 قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا “.
أبي هريرة في حديث عن رسول الله رواية البخاري ومسلم الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ –أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ –شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ “.
أبي هريرة في حديث عن رسول الله رواية البخاري أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ “.

ثانيًا: الاعتقاد بالقلب

إنّ الاعتقاد له ركنان، لا يكفي أحدهما الآخر، فيجب تحقيقهما معًا مجتمعين في القلب.

قول القلب المعرفة والعلم والتصديق
عمل القلب الالتزام والتسليم والانقياد

فيكون التصديق (الخبري) أو العلمي بأن يقع في القلب جزء من الصدق للخبر والمخبر، بالانقياد والطاعة والمحبة.. بإذعان وقبول.

فيصاحب القول باللسان اعتقادًا جازمًا مصدقًا يقينيًا، فيكون منبع الإيمان من القلب، لا يتم إلا به، فالقلب هو محل النوايا والاعتقاد.

فالقلب هو موضع الإيمان الأصلي وأهم أجزائه، فلا أصل للإيمان دونه مهما فعلت الجوارح.. ولا شك أن كل حركة بالجوارح لا تنبعث إلا محض إرادة قلبية.

كما لا يقتصر الإيمان على القلب فقط، وإلا قام المرء بالكثير من الأفاعيل الفاسدة ثم عزم على أنه مؤمنًا في قلبه.. مما يشكل خرابًا للمجتمع بأسره.

المجادلة الآية 22 أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ “.
عن أنس رضي الله عنه.. رواية البخاري ومسلم فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ “.
الحجرات الآية 15 إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ “.
الحجرات الآية 7 وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ “.

أما عن أعمال القلب التي تتجلى أهميتها في الإيمان وتعزيزه في نفس المؤمن فتأتي كثيرة.. وما يضاهيها إلى قلب غير المؤمن.

في قلب المؤمن في قلب غير المؤمن
الرضا والتسليم العداوة للحق وأهله
السلام من الغل عدم الفقه وعدم العقل
الفقه والتدبر المرض
العقل الغَمرة
الهداية القسوة
الخشوع الرّان
اللين العمى
السكينة والانشراح الزَّيغ
التقوى الاشمئزاز
الطمأنينة اللهو
الإنابة الكِبر
الوَجَل الإنكار
السلامة من الشرك الإعراض
الإخبات القَفل

لا يفوتك أيضًا:  حديث اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان وَالسَّلاَمَةِ وَالْإِسْلَامِ

ثالثًا: العمل بالجوارح

ما كان في القلب وأكد عليه اللسان لا بد ويكون مقتضاه في الجوارح، وإن لم يكن كذلك فتلك دلالة على ضعف الإيمان أو عدمه.

حيث إنّ العلاقة بين إيمان القلب وعمل الجوارح من أهم المسائل الإيمانية، ليكون إيمانًا شرعيًا حقيقيًا، ومن الأدلة على ارتباط الإيمان بالعمل أنه في القرآن ذُكر الإيمان عملًا، والعمل إيمانًا.

إنّ الخشية تدخل في معنى الإيمان الحقيقي، باعتباره قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، فتكون بمثابة تصديق القول بالعمل، وتصديق الإقرار بالفعل.

فقد استعمل الإيمان مقرونًا بالعمل، فقال الله تعالى: “ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ”في غير موضع بالقرآن دلالة على ذلك.

كما أن عمل الجوارح يتجلى في الإخلاص والانقياد إلى عبادة الله تعالى، بين الخوف والرجاء ومحبة الخالق سبحانه.. فلا يُكلل الإيمان الصادق إلا العمل الصالح.

هذا والحياء نجده من الجوارح الدالة على الإيمان، والابتسامة الصادقة، والتعامل الحسن، ومد يد العون.. وكل خطوة في طريق الخير يخطوها المسلم بقدمه.

حديث أبي هريرة.. رواية البخاري ومسلم الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ “.
سورة الأنفال الآية 2 إ نَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ “.
حديث ابن عباس.. رواية البخاري ومسلم. “هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَتُعْطُوا مِنْ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ”.
سورة البينة الآية 5 “وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ   “.

أثر حقيقة الإيمان على المسلمين

هو قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح

إنّ الله سبحانه وتعالى عادةً ما يعد المؤمنين من عباده بالنصر والعزة والتمكين، فكم من مرة أيّدهم وأبعد عنهم أذى الكفار.

ذلك ما يتسنى للمؤمن الصادق، من يستقر في قلبه ونفسه حقيقة الإيمان باعتباره قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح.. ومنهجًا وطريقًا في الحياة.

مثال على ذلك ما حدث في غزوة أحد التي خالف فيها الجند أوامر الرسول فهُزموا، وفي غزوة حنين، وفي غزوة بدر التي أيد الله فيها عباده بجنود لم يرها الكافرون.

فالإيمان تتجلى حقيقته في قلب المؤمن إن نأى عن أي شك في قضايا الإيمان، مع الخضوع والإذعان للأوامر الإلهية، والبعد عما حرمه الله.

إنّ الإيمان قابل للزيادة والنقصان.. فالطاعة تزيده، والمعصية تنقصه، فيتفاوت المسلمين في إيمانهم بالقول والعمل.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *