أول من أدخل نظام العسس في الإسلام

ماريهان أحمد

من هو أول من أدخل نظام العسس في الإسلام؟ وما الفرق بين العسس والشرطة؟ إن العسس هو أحد الأنظمة التي تم إطلاقها بهدف منح الناس الشعور بالأمان، والتي كان لا ينام أصحابها في الليل مقابل مساعدة الناس ومعرفة ما يحتاجون إليه، وقد كثرت الأقاويل عن أول من أدخل نظام العسس في الحضارة الإسلامية.

أول من أدخل نظام العسس في الإسلام

أول من أدخل نظام العسس الشرطة في الإسلام

بالرغم من كثرة الأقاويل عن أول من أدخل نظام العسس في الإسلام، واضطرابها ما بين الخليفة الراشديّ عمر بن الخطاب، وخليفة مصر عمرو بن العاص.

إلا أن في النهاية كان القول الثابت والمؤكد أنه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. كانت الشرطة في عهده تُمثل إحدى مراحلها المتطورة.

حيث وضحت ملامح الدولة الإسلامية في عهده بشكل أكبر مما كانت عليه من قبل، فأصبحت أكثر توسعًا وشيوعًا بين الدول الأخرى.

حتى استمر هذا التوسع إلى عهد ما بعد الخليفة عمر بن الخطاب، وكان ذلك هو السبب تحديدًا الذي دفع الخليفة إلى إطلاق نظام العسس لأول مرة.

فكان من الضروري إطلاق حراسة توفر للناس حياة مُستقرة، وترُد للمظلومين حقوقهم بقدر المستطاع، خاصةً أن الخليفة كان أحرص الناس على مصالح العباد والمساواة بينهم، حتى إنه لُقِب بالفاروق.

لا يفوتك أيضًا:  رتب الشرطة المصرية بالسن والنجوم

الفرق بين نظام العسس والشرطة

إن كون الخليفة عمر بن الخطاب هو أول من أدخل نظام ( الشرطة ) في الإسلام هو أمر متفق عليه، لكن كان هناك أقوال لأشخاص يرون فرق بين كلمتي العسس والشرطة.

لكن لا يوجد فرق جوهري بين الكلمتين، حيث يُشير كلٌ منهما إلى معنى التعرف على أحوال الناس، ومحاولة حمايتهم وتوفير الأمن والأمان لهم بقدر الإمكان.

هُناك بعض الأمور يُمكن الاستدلال من خلالها على الفرق الطفيف ما بين الكلمتين، من أبرزها أن نظام العسس ينشط في أوقات الليل.

حيث يبدأ العاملين به في الطوف بالشوارع والبيوت للكشف عن اللصوص أو الأشخاص المريبة، ويُطلق عليهم اسم حراس الليل، وقد كان الاسم القديم للشرطة.

قصة الخليفة عمر بن الخطاب مع العسس

هُناك أكثر من قصة منقولة تؤكد أن الخليفة عمر بن الخطاب هو أول من أدخل نظام العسس (الشرطة) في الإسلام، والتي حدثت أثناء طوافه في الليل مع جنود العسس.

من أبرزها القصة المنقولة على لسان زيد بن أسلم، الذي يحكي أنه رأى الخليفة عمر بن الخطاب يطوف مع جنود العسس، فطلب منه أن يطوف معه، وقد وافق الخليفة.

ثم ذهبوا معًا إلى المدينة المنورة، ورأوا من بعيد أن هُناك نار مُشتعلة، واعتقدوا أن هناك شخص مُسافر قد أوقدها لأنه يحتاج إلى المساعدة.

لكن عندما وصلوا إلى موضع النار وجدوا امرأة معها 3 أطفال، وتضع قدر ممتلئ بالماء على النار، وتقول: “اللهم خذ لي حقي من عمر وأنصفني منه فهو شبعان ونحن جياع” .

عندما سمع عمر ذلك اقترب منها واستأذنها أن يقترب من خيمتها، وعرف أنها امرأة أرملة، وسألها عن أمورها، وأخبرته عن حالها وحال أطفالها الأيتام، وأنها تغلي الماء لتوهمهم بأنها تُحضر طعام لتلهيهم عن جوعهم فيصبروا حتى يناموا.

لم يصدر عن الخليفة عمر رد فعل سوى أنه عاد إلى محل المشتريات، وقد اشترى الدسم والدقيق وحملهم بنفسِه إلى أن وصل للمرأة وأطفالها الأيتام.

حتى أنه امتنع أن يمنحهم إلى زيد عندما طلب منه ذلك، وقال له: إن حملته عني فمن يحمل عني ذنوبي ومن يحول بيني وبين دعاء تلك المرأة والأطفال عليّ” .

ثم صار يبكي إلى أن وصل لموضع المرأة ومنحها ما حمله، فشكرته ودعت له بخير الجزاء، فبدأ في أخذ كمية مُناسبة من الدسم والدقيق ووضعها في القدر.

ثم حاول أن يوقد النار، وكلما كانت تخمد النيران كان ينفخها، حتى أن الرماد كان يسقط على لحيته ووجهِه، استمر في هذا الفعل حتى انتهى من صُنع الطعام لكلٍ من المرأة وأطفالها.

حيث وضع لها جزء منه في القصعة، وطلب منها أن تأكُل وتُطعِم أطفالها، ثم قال لها: “لا تدعي على عمر فإنّه ليس عنده منكِ ولا من أطفالك خبر” .

لا يفوتك أيضًا:  إيقاف الخدمات من الشرطة ماذا يشمل ؟ وما هي أسباب إيقافها

مراحل تطور نظام العسس في الإسلام

أول من أدخل نظام العسس الشرطة في الإسلام

لم تكُن حراسة الشعب من خلال جُند العسس جديدة في عهد عمر بن الخطاب، حيث إن مُصطلح الشرطة معروف منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لكنه لم يكن شامل لمفهوم الشرطة في الأوقات اللاحقة لهذا العهد.

1- عهد الرسول صلى الله عليه وسلم

في عهد الرسول كان قيس بن سعد بن عبادة -رضي الله عنهُما- هو المسئول عن جهاز الشرطة، وهو أحد الشباب الأنصار الذي تمتع بالقوة والفروسية، لذا كان مؤهلًا لهذه المهمة، لكنه في نفس الوقت كان يمارس عمله بالتجارة.

مع العلم أن الشرطة في عصر الرسول كانت تتمثل في الإدارة الشرطية الموجودة في المدينة المنورة، وكان يُطلق عليها المركزية الإدارية، وهي أول جهاز شرطة تأسس، واللا مركزية الإدارية في الأقاليم المفتوحة.

2- عهد الخليفة أبي بكر الصديق

كان المسئول عن نظام الشرطة في عهد أبي بكر الصديق هو عبد الله بن مسعود، وقد كانت الشرطة في نفس الإطار المحدود الذي بدأت به.

3- عهد الخليفة عمر بن الخطاب

هو الخليفة الذي وضع نظام مُتكامل لمفهوم الشرطة في الإسلام، وأسس فِكرتها بحيث يكون لها كيان كامل، يمنح المُسلمين فرصة الحصول على وظيفة أساسية به.

مع العلم أن الخليفة عُمر هو أول من أدخل نظام العسس في الإسلام، وأيضًا أول من أسس وزارة الداخلية فيه، واعتبر الشرطة وظيفة ثابتة في الولايات المختلفة.

حتى أنه عيّن قاضيًا في كل مدينة، ومع كل قاضي وضع شرطيًا، حتى يُصدِر القاضي الأحكام، ثم يُنفذِها الشرطيّ مباشرةً، وقد أمر الخليفة عمر أبو موسى الأشعريّ بتنفيذ الأحكام عن طريق الشرطة عندما تولى ولاية البصرة.

جدير بالمعرفة أن رجال الشرطة في عصر عُمر كانت المسئولة عن مهام عديدة، أبرزها تنفيذ الأحكام، ومصادرة الأموال، وحماية ممتلكات الدولة بما فيها من أراضي، وهو ما لم يكن موجودًا في وقت سابق قبل عهد الخليفة.

كما كان شديد الحرص على ألا يستغل أحد رجال الشرطة سلطته في إلحاق الأذى بالناس أو معاملتهم بقسوة، لذا كان ينبههم ويطلب منهم حماية الضعفاء والفقراء والبسطاء بشكل خاص، ومعاملتهم برفق ورحمة.

كان يقنعهم دائمًا بذلك بالتنبيه من دعوة المظلوم، التي لن يسلموا منها أبدًا إذا ظلموا أو قسوا على أحد الفقراء أو البسطاء، لذا طلب ألا يمنعوهم من الدخول إلى أراضي الدولة ليأكل أغنامهِم وإبلهم منها، أي يتساهلون معهم.

4- عهد عثمان بن عفان

جاء عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ليؤثر بشكل إيجابي في نظام الشرطة في الإسلام، حيثُ أصبح جهاز الشرطة في عهده أكثر تنظيمًا وتطورًا.

فبدأ في تعيين صاحب للشرطة، وقد كان عبد الله بن قنفوذ أول شخص يقوم الخليفة بتعيينه كصاحب الشرطة، وهي الوظيفة التي تعادل وزير الداخلية في عصرنا الحالي، وقد قام الخليفة بنفس الشيء في كافة الولايات الإسلامية.

5- العهد الأموي الإسلامي

ظل نظام الشرطة في تطور مُستمر حتى العهد الأموي، حيث توسع معاوية بن أبي سفيان في تطويرُه، وأضاف إليه نظام شرطة الحرس الشخصي، وهو أول من أطلق هذا النظام في الحضارة الإسلامية.

خاصةً أن هناك 3 من الخلفاء الراشدين قد تم اغتيالهِم، وهُم عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وقد كانت الشرطة في الخلافة الأموية بمثابة أداة لتنفيذ أوامر الخليفة.

بمرور الوقت أصبحت وظيفة الشرطيّ عظيمة للغاية، حتى أن هناك أمراء وولاة قد تولوها، مثل خالد بن عبد الله الذي عُيّن واليًا على البصرة عام 110هـ، وقد حصل على منصب الشرطة في نفس الوقت.

6- العصر العباسي

في العصر العباسي كان الخُلفاء حريصون على تعيين الرجال المتميزين بالتقوى والفقه والعِلم كأصحاب الشرطة، حيث يكونون مؤهلين لإقامة الحدود.

لا يفوتك أيضًا:  عقوبة انتهاك حرمة منزل في السعودية

7- عهد العثمانيين

عُرِف العصر العُثماني بالأمان الذي وفرته الشرطة العاملة، حيث كانت مُقسمة في هذا الحين إلى فرعين، أولهُما شرطة الأتراك والكراغلة (الجزائريون من أب تركي بالجيش التركي وأم جزائرية)، وثانيهما شرطة الأهالي.

كان نظام الشرطة صارم للغاية في هذا الوقت، حتى أن نسبة حدوث الجرائم المُختلفة أصبحت مُنعدمة، مع العلم أن عساكر الشرطة كانوا غير مسلحين، حيث يستخدمون القوة البدنية في إلقاء القبض على المجرمين.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *