قصة هارون الرشيد والمرأة البرمكية

أ / مروة سامي الجندي

تنوع ذكر اسم هارون الرشيد في صفحات التاريخ فهو أشهر خلفاء الدولة العباسية وخامسهم من حيث الذكر، وقد امتاز عهده بالازدهار الثقافي والديني والعلمي في دولته ومن مظاهر ذلك تأسيسه لبيت الحكمة في بغداد، واليوم نقدم لكم عبر موقع محتوى قصة هارون الرشيد ذو الفطنة البالغة مع المرأة البرمكية التي منحها الله علم الكلام.

قصة المرأة البرمكية

قصة المرأة البرمكية

دخلت امرأة برمكية على الخليفة العباسي هارون الرشيد وهو في مجلسه وسط جماعه من أصحابه، فألقت عليه التحية ثم قالت له: أقرّ الله عينك، وفرّحك بما أتاك، وأتمّ سعدك، لقد حكمت فقسطت.

فقال لها هارون الرشيد: من أنتي ايتها المرأة؟ فقالت له: أنا من آل برمك، الذين قتلت رجالهم وسلبت أموالهم ونوالهم، قال الرشيد: ان الرجال فقد قضى فيهم أمر الله وقدره، وأما المال فسيُرد إليكِ؛ ثم نظر الى أصحابه وسألهم: هل فهمتم ما قالته المرأة البرمكية؟ فقالوا: لم تقل إلا خيراً يا خليفة المسلمين.

تعرف علي: من هو صقر قريش ولماذا سمى بهذا الاسم

بلاغة البرمكية وذكاء الرشيد

بلاغة البرمكية وذكاء الرشيد

فرد عليهم الرشيد ببلاغته قائلاً: ما أظنكم فهمتم مقصدها يا فقهاء، فعندما قالت أقرّ الله عينك قصدت بها أسكن الله عينك عن الحركة، واذا سكنت العين عُمي البصر، وأما قولها فرّحك بما أتاك فهي استنبطها من قوله تعالى: “حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً}”

وعندما قالت أتم الله سعدك فهي أخذتها من قول الشاعر: اذا تمّ شيئا بدا نقصه …ترقّب زوالا اذا قيل تم، وفي قولها لقد حكمت فقسطت، فأخذته من قوله تعالى: “وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا”، تعجب الحضور من بلاغة تلك المرأة البرمكية وكلامها العميق، ففي الظاهر انها كانت تدعو له ولكن في الحقيقة انها كانت تدعو عليه.

قصة هارون الرشيد والبرامكة

كثرت الدسائس بين الخليفة هارون الرشيد والبرامكة و وصلت له الكثير من الأخبار الكاذبة، وشعر الخليفة ان البرامكة أوشكوا على مشاركته في الحكم بشكل يضر بأمن الدولة، فقرر هارون الرشيد التخلص منهم فأودعهم في السجون وصادر أموالهم.

ووصل الأمر انه أصدر قرار بمنع الشعراء من رثاء البرامكة وكان من بينهم يحي البرمكي وابنه الذي ولاهم الرشيد أمور البلاد، ثم بعد ذلك عفا الأمين بن هارون الرشيد عما تبقى منهم بعد وفاة والده، وانتهت بذلك قصة الصراع بين الرشيد والبرامكة.

التعليقات

  1. أولا تحية لك كونك ذكرتينا بتراثنا العربى المنسي.ثانيا أود أن أسأل: ماذا يسمى هذا النوع من الخطاب فى علم البلاغة؟
    كلام المراة البرمكية ظاهره مدح ولكن باطنه ذم.
    هناك بيت شعر يقول فيه الشاعر:
    انت كالكلب فى حفظك للود وكالتيس فى قرع الخطوب..
    وهنا يتوهم القارئ بأن الشاعر يذم المخاطب ولكنه فى الواقع يثنى عليه.
    أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *