كم عدد ركعات قيام الليل وكيف نصليها بالتفصيل ؟

أ / ايه السيد جبر

يُعد هذا السؤال من أكثر الأسئلة الشائعة عن صلاة قيام الليل التي ثَبُت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قد صلاها في حياته واتبعه أصحابه وأمهات المسلمين وحتى بعد وفاته، وعلى الرغم من أن هذه الصلاة ليست من الفروض بل أنها من النوافل إلا أن الأجر العظيم الذي يحظى به مصليها تجعل الكثير من الناس يرغبون في التعرف على كافة التفاصيل الخاصة بها .

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ ، و أطْعِمُوا الطَّعامَ ، وصِلُوا الأرحامَ ، و صلُّوا باللَّيلِ و النَّاسُ نيامٌ ، تدخُلوا الجنَّةَ بسَلامٍ».

 عدد ركعات قيام الليل ووقتها

صلاة الليل من الصلوات التي وردت في السنة النبوية الشريفة وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يؤديها إلا أنه لم يفرضها، وبالتالي هي ليست من الفروض فإن صلاها الإنسان أُجر عليها وإن تركها لن يُجازى عليها أما عن  عدد ركعات قيام الليل ووقتها.

فإنه يوجد فيه أكثر من رأي ويمكن أن يتبعهم الإنسان وفقاً لِرغبته خاصة أن الرسول الكريم لم يحدد عدد محدد لِركعات صلاة قيام الليل، والدليل على ذلك حديثه -صلى الله عليه وسلم- “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة”.

  • عدد ركعات صلاة قيام الليل: 
  1. إحدى عشر ركعة.
  2. ثلاثة عشرة ركعة.
  3. إحدى وعشرون ركعة.
  • وقت صلاة قيام الليل:
  1. يبدأ وقت صلاة قيام الليل من بعد العشاء إلى ما قبل الفجر مباشرة ، والدليل على ذلك أن نور الهدى -عليه صلوات ربه وتسليمه- قد صلى في أول الليل كما صلى في أوسطه، وأيضاً صلى في آخره خره كما جاء في صحيح البخاري «عن أنس: وَكَانَ لاَ تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ. وفي رواية الترمذي: وكنت لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته مصليا، ولا نائما إلا رأيته نائما».

صلاة قيام الليل

عدد ركعات قيام الليل بالتفصيل

ذكرنا في الفقرة السابقة أن  عدد ركعات قيام الليل  يمكن أن تكون إحدى عشرة ركعة أو ثلاثة عشر أو إحدى وعشرون ركعة، وقد ذكرنا هذا العدد لأنه هو ما ورد في السنة النبوية الشريفة سواء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو عن أصحابه -رضوان الله عليهم أجمعين-، وهي عدد الركعات التي يُفضل أن يصلي بها الإنسان أثناء صلاة قيام الليل.

  1.   فقد ثبت عن النبي محمد أنه كان يصلي هذه الصلاة بإحدى عشرة ركعة في معظم الأوقات كما جاء في حديث  أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- كما ثبت عنه -صلوات الله عليه وتسليمه- أنه صلى بعد هذه الركعات ركعتين ثم أوتر للمحافظة على هذا العدد، وهو أفضل وأصح عدد ركعات لِصلاة قيام الليل.
  2. كان الرسول بِعدد ركعات أقل من إحدى عشر ركعة في بعض الأوقات كما جاء في الحديث  «ففي البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها: أنه كان يقوم الليل بسبع وتسع».
  3. زاد الرسول في بعض الأوقات عن الإحدى عشرة ركعة، وكان أكثر عدد ركعات صلاها -عليه أفضل الصلاة والسلام- ثلاثة عشر ركعة كما جاء في حديث  زيد بن خالد الجهني .
  4. أنه قال: لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة فصلى ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما [ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما] ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة». رواه مسلم.
  5. جاء عن الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- أنهم قد صلوا عشرين ركعة ثم يوتروا بِثلاثة ركعات، وذلك خلف أبي بن كعب في خلافة الفاروق “عمر بن الخطاب”-رضي الله عنه وأرضاه-.

صلاة قيام الليل

أقل عدد ركعات قيام الليل

يمكن التعرف على  أقل عدد ركعات قيام الليل يمكن أن يصليها العبد أثناء الليل من خلال الحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه -صلوات الله عليه وتسليمه-  “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة”  مما يعني أن صلاة قيام الليل يمكن أن تُقام  بِركعتين فقط بالإضافة إلى ركعة الوتر أو ركعة الوتر فقط، ويجب أن يختم الإنسان صلاته بِالوتر بناء على حديثه –عليه أفضل الصلاة والسلام- الذي يقول فيه «الوتر حق….»  إلا أن المستحب أن يصلي المسلم إحدى عشر ركعة كما كان يفعل نور الهدى في أغلب صلاته في الليل.

أما عن ركعة الوتر يمكن أن تزيد ولكنها تكون من الأعداد الفردية، ونستدل على ذلك من حديث الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- «.. من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل»،  وكلما زاد المؤمن من عدد الركعات في الصلاة الغير مفروضة مثل قيام الليل هي أفضل وخيراً له سواء في الدنيا أو في الآخرة.

صلاة قيام الليل

أفضل وقت لِصلاة قيام الليل

على الرغم من أن صلاة قيام الليل تجوز في الليل كاملاً إلا أن جمهور الفقهاء قد اتفقوا على أن  أفضل وقت لِصلاة قيام الليل هو الثلث الأخير منه وهو الذي يسبق الفجر مباشرةً لأنه يتوافق مع وقت نزول الخالق إلى السماء الأولى حتى يكون قريب من عباده جميعاً كما جاء في الحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه -صلى الله عليه وسلم- «ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ ومن يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟».

صلاة قيام الليل

عدد ركعات قيام الليل في العشر الأواخر

يزيد المسلمون من مظاهر العبادة في شهر رمضان الكريم لما يتمتع به هذا الشهر من مكانة عظيمة عند الخالق ووفقاً لما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما قال  «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».

وأحد مظاهر العبادة التي تميز هذا الشهر عن غيره هو صلاة التراويح منذ بداية الشهر وهي عبارة عن صلاة قيام الليل إلا أنها تُصلى في جماعة كل ليلة عقب صلاة العشاء مباشرة، وتم تسميتها صلاة التراويح لما يحصل عليه المصلي من الراحة بين كل أربع ركعات طوال.

وتزيد مظاهر العبادة في العشر الليالي الأخيرة من هذا الشهر الكريم طلباً لِبلوغ ليلة القدر وهي الليلة التي قال عنها الخالق -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز  (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)،  وهي المعروفة باسم صلاة التهجد وتكون في الثلث الأخير من الليل أي قبل بزوغ الفجر مباشرةً، وتكون بِمثابة تقسيم لِصلاة قيام الليل إلى جزئين أحدهما في أول الليل والآخر في الشق الأخير من الليل وتصل  عدد ركعات قيام الليل في العشر الأواخر  إلى  23 ركعة  أسوة بما فعله الصحابة في عهد الفاروق عمر -رضي الله عنه-، وتكون مقسمة كالتالي:

  1. 10 ركعات  في صلاة التراويح.
  2. 10 ركعات  في صلاة التهجد.
  3. 3 ركعات  وتر، وتكون هذه الركعات عقب الانتهاء من ركعات صلاة التهجد تطبيقتً لِحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-  «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ باللَّيْلِ وِتْرًا».

عدد ركعات قيام الليل في رمضان من السنة

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يزيد عن إحدى عشر ركعة في صلاة قيام الليل سواء كان في أيام العام أو في شهر رمضان الكريم سواء كان في أوله أو في آخره، وكانت تزيد في بعض الأحيان إلى ثلاثة عشر ركعة مثلما ورد عن بعض الصحابة على عكس حديث أم المؤمنين السيدة “عائشة بنت أبي بكر”-عليهما السلام- عندما سؤلت عن عدد ركعات قيام الليل في رمضان  التي كان يصليها النبي محمد بن عبدالله؛ وجاء نص الحديث كالتالي:

«كيفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أتَنَامُ قَبْلَ أنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: يا عَائِشَةُ، إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولَا يَنَامُ قَلْبِي».

كيف نصلي قيام الليل

أخبرنا أشرف الخلق أجمعين -عليه أفضل الصلاة والسلام- عن  كيفية صلاة قيام الليل عندما قال في الحديث النبوي الشريف “صلاة الليل مثنى مثنى.

فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة”أي أن المصلي يُسلم بعد كل ركعتين سواء كانوا طوالاً أو قصاراً وفقاً لِقدرة المصلي وقتها ثم يوتر في نهاية هذه الصلاة إما بِركعة واحدة كما يمكن أن يوتر بِثلاث أو خمس تطبيقاً للحديث الشريف «.. من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل».

ولا تختلف طريقة صلاة قيام الليل وفقاً للعدد بل أن المسلم يُصليها ركعتين ركعتين سواء كانوا إحدى عشر ركعة أو ثلاثة عشر أو عشرين ركعة مثلما صلاها الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين-، ولكن يجب الإشارة إلى وجود اختلاف بين الأربعة أئمة على كيفية الصلاة مقسم إلى رأيين كما يلي:

  1. الرأي الأول:  هو صلاة قيام الليل بالتسليم بين كل ركعتين تطبيقاً لِحديث الرسول صلاة الليل مثنى مثنى، ويؤيد هذا الرأي جمهور الفقهاء وهم كلِِ من الشافعية والمالكية والحنابلة.
  2. الرأي الثاني:  يكون المصلي مُخير بين صلاة قيام الليل بالتسليم بين كل ركعتين أو أربعة أو ستة أو ثمانية، وهذا الرأي ينفرد به أبو حنيفة واستند فيه على حديث الرسول  «كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يصلِّي مِنَ اللَّيلِ ثلاثَ عَشرةَ رَكْعةً، يوترُ منها بخَمسٍ، لا يجلِسُ في شيءٍ منَ الخمسِ، حتَّى يجلِسَ في الآخرةِ فيسلِّمُ»  إلا أنه لا يتم الأخذ بهذا الرأي كثيراً.

ماذا يُقرأ في صلاة قيام الليل

لم تحدد قراءة بِعينها في صلاة قيام الليل بل يمكن للمصلي بأن يقرأ ما تيسر له من القرآن الكريم وفقاً لِحفظه، وهو ما يُبنى عليه طول أو قصر الركعات وكلما زاد العبد من القراءة كانت له أفضل كما قال خاتم المرسلين -صلى الله عليه وسلم «من قامَ بعشرِ آياتٍ لم يُكتب منَ الغافلينَ ومن قامَ بمائةِ آيةٍ كتبَ منَ القانتينَ ومن قامَ بألفِ آيةٍ كتبَ منَ المقنطرينَ» ، ولكن يوجد خلاف بين الأئمة الأربعة فيما يخص الجهر بِالقراءة أو الإسرار خاصة أن  صلاة قيام الليل يمكن أن تُصلى جماعة أو فرد مع العلم أن الإسرار له الأفضلية بينهم جميعاً.

وجاء هذا الاختلاف من حديث السيدة عائشة -رضي الله عنها- عندما سؤلت عن فعل الرسول في صلاة قيام الليل فيما يخص الجهر بِقراءة القرآن أو الإسرار به؛ فقالت: «كلُّ ذلك قد كان يفعلُ ، ربَّما أسرَّ بالقراءةِ ، وربُّما جهرَ فقلْتُ : الحمدُ للهِ الذي جعلَ في الأمرِ سعةً»  لذلك جاءت آراء الأئمة الأربعة كما يلي:

  • الشافعية:  أصحاب هذا الرأي يرون أنه يجب على المصلي التوسط بين الإسرار والجهر بِحيث لا يتسبب في إزعاج أحد.
  • المالكية:  يرى هؤلاء أن الجهر بِالقراءة هو الأفضل، ولكن إن أزعج أحد يكون محرماً شرعاً.
  • الحنفية والحنابلة:  يتفق أصحاب هذا الرأي على أن المصلي يكون مخيراً بين الجهر أو الإسرار ، وهذا الرأي مقسم إلى قسمين كالتالي:
  1. الحنفية:  يتشابه هذا الرأي مع رأي المالكية بأن الإجهار يكون أفضل في حالة لم يزعج غيره، ولكنهم لم يحرموه بل أنه يكون غير مستحب فقط.
  2. الحنابلة:  الجهر في الصلاة يكون الأفضل في حالة كان المصلي ينشط نفسه أو يؤم غيره أو يوجد آخرين يستمعون إلى قراءته، ولكن دون ذلك من إزعاج للآخرين وغيره يكون الإسرار هو الأفضل.

 

هل يجوز تقسيم صلاة قيام الليل ؟

أحد أكثر الأسئلة التي يطرحها الكثير من المسلمين عن الصلاة التي تُقام إناء الليل هو  هل يجوز تقسيم صلاة الليل؟،  وإجابة هذا السؤال قد اتفق عليه جمهور العلماء وهي نعم يجوز تقسيم صلاة الليل  حيث يمكن للمصلي أن يوزع ركعات هذه الصلاة على الليل كاملاً بِحيث يصلي في أول الليل وهو عقب صلاة العشاء مباشرة، ويفضل بأن يكون عدد الركعات وقتها أربع ركعات بحيث يسلم المصلي بين كل ركعتين أسوة بِالحبيب المصطفى -عليه صلوات الله وتسليمه-.

ثم يصلي بعد ذلك عدد ركعات آخر في وسط الليل، وفي آخر الليل وهو الوقت الأفضل لِصلاة قيام الليل يقوم المصلي بِصلاة الوتر لِكل هذه الركعات أي أنه يجمعهم بِوتر واحد سواء كان ركعة واحدة أو ثلاث أو خمسة.

و تقسيم صلاة قيام الليل من السنة النبوية الشريفة  أي أنه مستحب أكثر من الصلاة مرة واحدة، وهو ما جاء في الحديث الوارد عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- عندما قالت:

«ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ،يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا . فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أتَنَامُ قَبْلَ أنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: يا عَائِشَةُ، إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولَا يَنَامُ قَلْبِي».

فضل صلاة قيام الليل

صلاة الليل ليست من الفروض، وهذا صحيح ومثبت عن الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- أنه لم يفرضها على أحد من أصحابه، وهو ما جاء في الحديث الوارد عن أم المؤمنين السيدة عائشة عن صلاة التراويح، وهو ما يوافق صلاة قيام الليل في أيام العام

«أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ فَلَمْ يَمْنَعنِي مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ يُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ».

وعلى الرغم من أن هذه الصلاة من النوافل إلا أن  فضل صلاة قيام الليل  عظيم وأجر من يقيمها مبجل عند رب العزة -سبحانه تجلى في علاه- خاصة أن العبد الذي يقيم الليل ويترك النوم وملذات الحياة المختلفة من أجل ربه لا يكون ذلك إلا من قلب نابع بالإيمان متعلقاً بِخالقه لذلك جعل الرحمن فضل هذه الصلاة تعود على العبد سواء في حياته الدنيا وفي آخرته بعد وفاته.

  1. يكفر السيئات ويمحو الذنوب.
  2. منع النفس من ارتكاب الآثام والمعاصي.
  3. يزيد من تفرب العبد لِربه.
  4. دليل على أن المصلي من العباد الصالحين الذين اصطفاهم الله عن غيرهم.
  5. يقرب الإنسان من دخول الجنة ويبعده عن عذاب النار.
  6. يبني الله لمن يقيمون الليل بيتاً في الجنة.
  7. الرضا بِقضاء الله وقدره وهدوء النفس حيث يرزقه الله راحة البال وطمأنينة القلب.
  8. يبارك الله له في حياته ويوفقه فيها.
  9. يكفيه شر مصائب الدنيا لأن العبد يكون في رعاية الله وحفظه.
  10. تيسر له أمور حياته وتفتح له الأبواب المغلقة .

أحاديث الرسول عن فضل قيام الليل

ذكرنا في الفقرة السابقة الفضل الذي ينعم به العبد في حياته وآخرته عندما يحافظ على صلاة قيام الليل حتى وإن كانت ركعتين فقط، وكان هذا الفضل والآثر بناء على العديد من التجارب ممن يحافظون على هذه الصلاة العظيمة بالإضافة إلى  أحاديث الرسول عن فضل قيام الليل  التي أخبرتنا الكثير الأجر الذي سوف يحظى به العبد وكتبه الله -سبحانه وتعالى- لِمن يحافظ على قيام الليل.

عن أبي أُمامَةَ الباهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بقيام الليل، فإنه دَأْبُ الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومَنْهَاة للإثم».

وعن أبي مالكٍ الأَشْعَرِيّ رضي الله عنه عنِ النَّبِيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «إن في الجنة غُرَفًا يُرَى ظاهِرُها من باطِنِها، وباطِنُها من ظاهرها، أعدَّها اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعامَ، وأفشى السَّلامَ، وَصلَّى بالليل، والناسُ نِيَام».

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: «جاءَ جِبْريلُ إلى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلم: فقال “يا مُحَمَّد عِشْ ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مَجْزِيّ به، وأحبب من شئت فإنك مُفَارِقُه، واعلمْ أنَّ شَرَفَ المُؤْمِنِ قِيامُ اللَّيْلِ، وعِزُّه اسْتِغْناؤه عن الناس».

صلاة قيام الليل

آيات من القرآن عن قيام الليل

أحد أكثر الدلائل التي توضح عظمة صلاة قيام الليل أنه الله -سبحانه وتعالى- قد أشار إليها في كتابه العزيز المنزل من فوق سبع سموات حيث نجد العديد من الآيات من القرآن عن قيام الليل.

والتي توضح الثواب العظيم الذي سوف يحظى به هؤلاء ممن يقيمون الليل، ولكن يجب التوضيح أن قيام الليل في القرآن الكريم يتحدث عن قيام الليل في ذكر الله بِشتى أنواعه من صلاة وقراءة قرآن وصور التسبيح والاستغفار المختلفة.

﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان: 63، 64].

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء: 79].

﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر:9].

﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 15: 18].

﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ* تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 15: 17].