من هو الذي استأجره الرسول وأبو بكر الصديق

أ / عمرو عيسى

من هو الذي استأجره الرسول وابو بكر؟ وما سبب اختيار النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ له؟ فقد كان للهجرة من مكة إلى المدينة بعض الأسباب التي تم الأخذ بها، من ضمنها اختيار الدليل الذي يوصل النبي وصاحبه إلى المدينة تجنبًا لبطش أهل قريش، وفيما يلي نتناول ذلك الشق من الهجرة بالتفصيل.

هجرة النبي

من هو الذي استأجره الرسول وابو بكر

قد أمر الله تعالى الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالهجرة من مكة إلى المدينة وقد بدأ بعدها أشرف الخلق في التخطيط لتلك الهجرة وكان من أصحابه معه فيها هو أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ وذلك لكي يبعدوا عن بطش المشركين بهم.

فلم يهمل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ الأخذ بالأسباب في الإعداد لتلك الهجرة، وبالفعل قد جهّز راحلتين له ولصاحبه واستأجر فيها دليلًا مشركًا وهو عبد الله بن أريقط ، وذلك على الرغم من وجود من أصحاب النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ من يعرف الطريق.

لا يفوتك أيضًا:  قصة هجرة النبي محمد إلى يثرب

سبب اختيار دليل عبد الله بن أريقط

لم يفعل النبي الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ أي شيء دون حكمة، كما لم ينطق عن الهوى، وقد كان لاختيار عبد الله بن أريقط كدليل سبب وجيه وهو خبرته وكفاءته بالإضافة إلى أمانته، وهو ما نقتدي به من رسولنا ـ عليه الصلاة والسلام ـ بأن العبرة في تولّي المهام هي الخبرة والأمانة.

كذلك من ضمن الأسباب التي وردت على ألسنة الفقهاء أن السبب وراء اختيار الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لعبد الله بن أريقط المُشرك أنه رغب في أن يسلك طريق لا يخطر على بال أهل قريش وهو طريق الساحل وكان عبد الله واحد ممن يعرفون ذلك الطريق.

هل ائتمن النبي دليله على مكان الغار

على الرغم من ثقة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في عبد الله بن أريقط وأن المشركين من قريش رغم أنهم لم يكونوا على دين الإسلام إلا أن صفاتهم كانت المروءة والشهامة، إلا أن النبي لم يأتمنه على مكان الغار احتياطًا.

حيث طلب منه أن يأتي بالجمال في مكان يبعد عن الغار بحوالي نصف ساعة، وذلك حتى يتأكد الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه يأتي بمفرده، وإن كان هناك أحد من المشركين معه يذهب هو وصاحبه من مكان آخر، إلا أن عبد الله بن أريقط لم يخنه.. فقد جاءهم وسار بهم بعيدًا عن مدارك الكفّار مُثبتًا أنه يكفر بالإسلام لا بالمروءة والشهامة.

مكان الميلاد الحجاز
المهنة رعي الغنم
الديانة دين قريش

الدليل عبد الله بن أريقط

من هو الذي استأجره الرسول وابو بكر

هو عبد الله بن أريقط الليثي الديلي الكناني، من كان دليل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في هجرتهم من مكة إلى يثرب ، والتي سُميت بالمدينة المنورة بعد ذلك، وسار بهما في طريق وعرّة، وذلك ما جاء في السنة النبوية الشريفة.

فعن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: “اسْتَأْجَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِن بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا، وهو علَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَدَفَعَا إلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، ووَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ برَاحِلَتَيْهِما صُبْحَ ثَلَاثٍ.”[صحيح البخاري].

في اليوم الأول من ربيع الأول سنة 1 هـ قد جاء عبد الله بن أريقط للنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وصاحبه ـ رضي الله عنه ـ بالراحلتين، وانطلق معهما عامر بن فهيرة وكان طريقهما أن عبد الله ذهب بهم أسفل مكة، ألا وهو طريق الساحل.

أمعن في اتجاه الجنوب نحو اليمن بعد الخروج من الغار، ومن ثم اتجه ناحية الغرب تجاه الساحل، ويُلاحظ أن الخروج لم يكن مباشر من الغار إلى الطريق المعتاد لكي يتم الوصول إلى المدينة، وذلك خطة من عبد الله حتى يصل بالمسلمين إلى المدينة في سلام وأمان.

لا يفوتك أيضًا:  كم سنة قضاها رسولنا الكريم في الدعوة إلى الإسلام

عودة عبد الله بن أريقط لمكة

بعد أن وصل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وصاحبه ـ رضي الله عنه ـ إلى المدينة عاد عبد الله بن أريقط مرة أخرى إلى مكة ليخبر زيد بن حارثة وأبا رافع أن يأتوا بأهاليهم من مكة إلى المدينة، وبعث معهم بحملين و 500 درهم لكي يشتروا إبلًا من قديد، وذهبوا بالفعل وجاءوا بأم كلثوم، فاطمة وزوجتي الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ عائشة وسودة.

200 ناقة لمن يأتي بمحمد

من الخطوات الأكثر بطشًا وجرأة من كفار قريش لكي يظفروا من النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنهم قد وضعوا جائزة 100 ناقة لمن يأتي بأشرف الخلق حيًا أو ميتًا، و100 ناقة أخرى لمن يأتيهم بصاحبه أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ.

بينما لم يُلقي بالًا لتلك الجائزة عبد الله بن أريقط، قائلًا لرسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه لن يفعل ذلك قط حتى وإن أصبح أغنى أغنياء قريش كما قال له النبي الكريم، وأنه يرغب في اعتناق الإسلام لولا خوفه الشديد من بطش قريش.

لا يفوتك أيضًا:  قصة هجرة الرسول من مكة الى المدينة

هل أسلم عبد الله بن أريقط

اختلفت الأقاويل بخصوص إن كان عبد الله بن أريقط قد أسلم قبل مماته أم لا، فأوضح بعض الفقهاء أنه أسلم قبل وفاته، والبعض الآخر قال إنه قد مات على ديانة أهل قريش.

في ختام من هو الذي استأجره الرسول وأبو بكر الأمانة والمروءة والشهامة من الصفات التي اتسم بها عبد الله بن أريقط، على الرغم من أنه كان في ذلك الوقت كافر بالإسلام إلا أنه لم يخن النبي صلى الله عليه وسلم.