لماذا سمي الخلع بهذا الاسم ؟ وما هي أحكامه في الشريعة الإسلامية

أ / عمرو عيسى

لماذا سمي الخلع بهذا الاسم ؟  فمن المعروف أن الخلع هو شكل من أشكال انتهاء الزواج لتسببه في وقوع الشقاق والفراق بين الزوجين، وهو يتم على الأرجح بشكل قانوني، ولكن ما لا يُعرف هو سبب تسميته بذلك الاسم وعدم اعتباره طلاق، ففي السطور التالية سنوضح لكم السبب.

سبب تسمية الخلع بهذا الاسم

لماذا سمي الخلع بهذا الاسم

لقد أحل الله – عز وجل- الزواج لجميع المسلمين وتأسيس أسرة متكاملة لما فيه من راحة وشعور بالأنس والمحبة وحتى يتم بناء مجتمع إسلامي متكامل، ووضع شروط عديدة له من أهمها التزام الطرفين بالمودة والرحمة.

لكن من المؤسف أن الكثير من الأزواج لم يلتزمون بهذه الشروط، لذا نرى بأن حالات الانفصال تزايدت لا سيما من قِبل الزوجات، فلأن الطلاق يلزم الزوج بدفع المؤخر واستيفاء جميع حقوق الزوجة تعمد البعض في عدم التصريح به حتى مع فشل العلاقة الزوجية.

لذلك نصت الشريعة الإسلامية بشكل صريح عن إمكانية طلب المرأة الخلع أي المفارقة عند شعورها بأن حياتها الزوجية لم تعد طبيعية وأنها تتعرض للضرر، ولكن دعونا نتساءل لماذا سمي الخلع بهذا الاسم؟

في حقيقة الأمر إن كلمة الخلع في اللغة العربية مشتقة من الفعل خَلَعَ وهي في الاصطلاح الشرعي تعني خلع الزوجة نفسها عن زوجها في وجود مقابل مادي، ولقد تم تشبيهه بخلع الشخص لثيابه.

ذلك لأن الله – سبحانه وتعالى- قال في كتابه العزيز عن علاقة الزوجين ببعضهما:

(… هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ …) [البقرة: 187].

من الجدير بالذكر أن الخلع يطلق عليه الطلاق على مال أو على العوض وهو المراد من قوله – تعالى –:

( فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) [البقرة: 229].

كما أنه وقع في عهد سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- كما سنبين في الحديث الشريف الآتي:

عن عبد الله بن عباس:

أنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بنِ قَيْسٍ أتَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، ما أعْتِبُ عليه في خُلُقٍ ولَا دِينٍ، ولَكِنِّي أكْرَهُ الكُفْرَ في الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً .

لا يفوتك أيضًا:  الفرق بين الخلع والطلاق والفسخ

الشروط الأساسية للخلع

بعد أن تعرفنا إلى إجابة سؤال لماذا سمي الخلع بهذا الاسم، فإننا سوف نذكر لكم في النقاط التالية أهم الشروط التي يجب توافرها حتى يتم الخلع ولا يكون مخالفًا للشريعة الإسلامية:

  • أن يكون الزوج أي الخالع ممن يصح التطليق منه، فلقد قيل إنه من جاز طلاقه بسهولة جاز خلعه، كما يجب أن يكون بالغًا وعاقلًا فلا يجوز أن تحدث المفارقة من الزوج المجنون أو المعتوه.
  • بالنسبة للزوجة فيجب أن تكون من نكاح شرعي صحيح وليس فاسد، كما ينبغي ألا يكون تم تطليقها طلاق بائن، وتكون قادرة على التصرف في مالها لتمتعها بالعقلانية والرشد.

يجدر بالإشارة إلى أن الخلع لا يصح للمريضة أو المجنونة، وأن النكاح الشرعي ضروري لأن القصد من الخلع هو إنهاء عقد الزوجية وعقب الزوجية ينص على أهميته.

  • يجب أن يكون العوض وهو مقدار المال الذي سيحصل عليه الزوج من الزوجة ملكًا له فإن لم يكن كذلك لا يصح الخلع، كما يلزم ضابطه أن يكون مهرًا أي أن كل ما جاز أن يصبح مهرًا جاز أن يصبح بدلًا عن الخلع.
  • صيغة الخلع تتمثل في الإيجاب والقبول من كلا الزوجين ويلزم أن تكون باللفظ ففي حالة وجود عذر في اللفظ فيمكن أن تتم بالإشارة المُفهمة، وبالنسبة لأفضل صيغة فهي أن يقول الزوج ”متى ضمنتِ لي 1000 دينارٍ فإنكِ طالق”.

حيث تجيبه قائلة ”ضمنت لك المبلغ”ويمكن أن تكون بطريقة أخرى، أي يقول الزوج ”طلقتك بمبلغ 1000 دينار”فتجيب الزوجة “قبلت”.

أركان الخلع

هناك 4 أركان للخلع ففي صدد إجابتنا عن سؤال لماذا سمي الخلع بهذا الاسم، سوف نشير إليهم في الجدول الآتي:

الزوج مالك عقدة النكاح والمسؤول عن وقوع الطلاق
الزوجة يلزم أن يكون نكاحها صحيح
صيغة الخلع تكون صريحة أو بالإشارة
العوض مبلغ الخلع الممتلك من الزوج

أحكام الخلع في الشريعة الإسلامية

إن الأصل في الشريعة الإسلامية أن طلب الزوجة للخلع أمرًا مشروعًا ومباحًا وفقًا للأدلة الشرعية، ولكن نظرًا لأن أحوال وأسباب الخلع متعددة فلقد اختلفت أحكامه.

حيث إننا واستكمالًا لموضوعنا الذي يجيب عن سؤال لماذا سمي الخلع بهذا الاسم، سنشير في السطور التالية إلى أحكامه بالتفصيل:

1- حالات الإباحة للخلع

في حالة إن كانت الزوجة تكره العيش مع زوجها بسبب كبر سنه أو أخلاقه أو لنقص دينه أو لسوء معاشرته وكانت تخشى أن يؤدي الأمر إلى تقصيرها في حقه فهنا يكون مباحًا أن تطلب الخلع مقابل أن تدفع له عوضًا عن ذلك.

يستدل على إباحة الخلع في هذه الحالة من قوله تعالى:

(…فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة: 229].

أما إن كان الزوج هو من يرغب في مخالعة نفسه نظرًا لرؤيته شيئًا فيها أو منها دعاه إلى ذلك مثل لكونها ناشزًا أو ربما زانية أو لا تقوم بتأدية الفرائض كالصلاة والصوم فهنا يجوز له القيام بذلك كما يجوز أن يطلب منها أيضًا أن تدفع عوض له.

فإن أبت الزوجة يجوز أن يقوم بالتضييق عليها إلى أن تطلب الخلع، ولكن الأفضل ألا يتم التضييق عليها وذلك لأن الله – عز وجل- قال في كتابه العزيز:

(وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: 19].

لا يفوتك أيضًا:  كم عدد جلسات فسخ النكاح

2- حالات الكراهية للخلع

يكون الخلع من قِبل الزوجة مكروهًا إن أرادت التفريق لوجود سبب غير قوي كميلها نحو رجل آخر على الرغم من كون علاقتها بزوجها جيدة ولكنها تطمع في ممارسة الجماع مع غيره.

فعلى الرغم من كراهة هذه الحالة إلا أن وقوع الخلع جائزًا ويمكن أن يحدث التفريق بسهولة، ومن الجدير بالذكر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وصف هذه الزوجة كما جاء في الحديث الشريف قائلً:

ا وَإِنَّ المُخْتَلِعَاتِ والمنتزعاتِ هُنَّ المُنافِقَاتُ .

3- حالات التحريم للخلع

أما عن الحالات التي يكون فيها الخلع مُحرمًا، والتي يجب أن نشير إليها خلال توضيحنا لماذا سمي الخلع بهذا الاسم، فهي تكون كالآتي:

  • طلب الزوجة من زوجها الفراق دون وجود بأس أي شدة أدت إلى قيامها بذلك أو دون وقوع الأذى عليها يكون حرامًا، وذلك لتحقق الضرر عليهما عبر إهمال مصالح النكاح.
  • يستدل على هذه الحالة من الحديث الذي رواه ثوبان مولي رسول الله – صلى الله عليه وسلم –“ قال رسولُ اللهِ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم –أيُّما امرأةٍ سألَتْ زوجَها طلاقَها في غيرِ ما بَأْسٍ؛ فحرامٌ عليها رائِحَةُ الجنةِ .
  • كذلك يُحرم الخلع عند قيام الزوج بالتضييق على زوجته وإجبارها بخلعه حتى تدفع له مبلغ تعويض على الرغم من قيامه بضربها أو ظلمها أو حرمانها من حقوقها الشرعية لا سيما النفقة.
  • حيث إنه في حالة استجابة الزوجة له يكون العوض حرمًا إن تم اكتشاف الأمر كما يرد إليها.

لا يفوتك أيضًا:  الأوراق المطلوبة لرفع دعوى الخلع

حقوق الزوجة المختلعة

لماذا سمي الخلع بهذا الاسم

لقد تعددت آراء العلماء والفقهاء التي توضح فيما تتمثل حقوق الزوجة المختلعة عقب دفع العوض في النفقة والسكن، حيث إنها كانت كالآتي:

  • يرى المالكية أنه يسقط حقها في النفقة والسكن إلا إذا كانت حاملًا فإنه يكون لها حق فقط في النفقة.
  • يقول الحنابلة وبعض جمهور الحنفية أن حق المختلعة لا يسقط إلا في حالة واحدة وهو عدم وجود الصراحة في صيغة الخلع.
  • بالنسبة لمذهب الشافعي فإن علمائه ثبتوا حقها في السكن فقط دون النفقة مستدلين على ذلك بقوله تعالى (… لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ ) [الطلاق: 1].
  • ذهب الإمام ابن حزم إلى قول إن المختلعة لها حق في النفقة فقط دون السكن.

المفارقة مقابل منح الزوجة للزوج الفداء تعرف باسم الخلع وهي عكس الطلاق الذي لا يتم إلا بإرادة الزوج ولا يحصل فيه على المال بل هو من يعطيها حقوقها الشرعية لا سيما مؤخر الصداق.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *