هل تأخر الزواج غضب من الله وهل الصبر على تأخر الزواج له جزاء
يتساءل الكثير من الشباب والفتيات هل تأخر الزواج غضب من الله، ظنًا بأن تأخر الزواج عقاب أو أبتلاء، حيث أصبح ظاهرة متفشية بكثرة في المجتمعات العربية، والتي تميل بطبعها للاستقرار وترغب في تطبيق الشريعة الإسلامية وتأسيس بيت إسلامي قائم على المودة والرحمة، فهذه هي سنة الحياة، لذلك عندما لا يوفق الفتيات في تطبيق ذلك في سن مبكر يظنن أن القطر قد فات، وتبدأ الأفكار السلبية تتوارد لأذهانهن.
هل تأخر الزواج غضب من الله ؟
يظن دائمًا العبد أن تأخر الأشياء أو منعها أبتلاء أو غضب من الله، فهكذا جريت عادة أبن أدم لأن من طبعه أنه عجول للخير، جهول بالغيب، فقد يمنع الله أمر حفاظًا على عبده، ورفع للبلاء عنه، وسترًا له ولأمره، فإذا ظن العباد بالله خيرًا وتركوا كل أمورهم له دبرها ويسرها وهيئها وأهداها لهم في الوقت المناسب.
ليس دائمًا تأخر الزواج غضب من الله أو أبتلاء فهو قدر يقدر للإنسان في الوقت الذي كتبه الله تعالى، إلا أن هناك معاصي تبقى آثارها وتمنع عن العبد الخير وتضيق الرزق، وذلك لقول الله عز وجل في كتابه العزيز:
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ[ref]سورة الشورى (آية 30)[/ref]
وإذا كان يظن العبد أن تأخر الزواج أو تأخر أي أمر في حياته بسبب ذنب أقترفه، أو بسبب غضب الله عليه فاليستغفر، أن الله تعالى يغفر الذنوب جميعًا ويقبل التوبة ويمنح التائبين عفو عظيم.
إلا أن قد يكون تأخر الزواج أبتلاء، لتعظيم الجزاء والثواب، حيث إن الابتلاء يصيب الصالحين أيضًا، وذلك لرفع مكانتهم في الأرض والسماء، ولغسل ذنوبهم وتطهير قلوبهم، فما نزل بلاء على الأخيار إلا لرفع قدرهم.
كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، وإنما يعطي الإيمان والدين من أحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه
بمعنى أن لا يشترط أن يكون عدم الزواج ابتلاء وغضب، فالكثير متزوج، مؤمن وكافر، ولكن القليل من لديه حسن ظن بالله وإيمان يغمر قلبه، والكثير لديه المال والأولاد، ولكن القليل لديه حسن العمل وحسن الجزاء، فيجب أن يتخلى الإنسان عن الأفكار السلبية ويدعوا الله تعالى بقلب مؤمن بالقضاء والقدر وبأن الدعاء يفعل المعجزات وبأن الله لا يرد عبدًا خائبًا، وأن أحيانًا تكون الأقدار المؤجلة أعظم من غيرها.
شاهد أيضًا: دعاء تعجيل الزواج
هل الصبر على تأخر الزواج له جزاء
يعتبر الصبر أعظم القيم التي يتحلى بها المؤمن، وإنه من شيم المؤمنين، إذ أن الإنسان دائمًا عجول جهولًا، متسرعًا إلا المتعلق قلبه بالله وواثق بكرمه وعطاياه، وأن كل شيء مقدر بقدر ويأتي في وقته المناسب المعلوم عند الله مجهول عندنا[ref]https://www.islamweb.net/ar/fatwa/151033/[/ref].
يجازي الله الصابرين خير جزاء، حيث يقول عز وجل:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[ref]سورة البقرة (آية 153)[/ref]
ويقول عز وجل:
إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ[ref]سورة آل عمران (آية 120)[/ref]
وغيرهم الكثير من الآيات حيث ذكر الصبر والصابرين في القرآن أكثر من مئة مرة، دلالة على مكانتهم عند الله عز وجل، وعلى رفعة قدرهم وقوة إيمانهم بالله، وعن تأخر الزواج، فهو ابتلاء الصبر عليه له جزاء وأجر عظيم.
شاهد أيضًا: تجربتي مع تأخر الزواج
الحكمة من تأخر الزواج
يعتبر الزواج رزق يبسطه الله لمن يشاء في الوقت المحدد، ولكن وسط الظروف الاجتماعية التي يمر بها الشباب، صار الأمر معتاد في المجتمعات العربية، عكس الماضي، الذي كانت تتهم فيه الفتيات بالعنوسة، وكان الجهل سائد في العقول والمعتقدات المجتمعية التي لا أصل لها، فالأن لا يوجد سن معين للزواج، ولا يوجد مسمى العنوسة البغيض متفشيا كالماضي.
قد تكون الحكمة من تأخر الزواج هو أن الله تعالى لم يرد هذا الأمر لك الآن لحكمة لديه يعلمها، أو ليرزقك أجر عظيم، أو لأن هناك قدر أجمل مما تتخيل في انتظارك، فيقول ابن القيم عن جهل العبد بالقدر
والعبد لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربه، وحكمته ولطفه، لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليّا
يجب أن يتذكر الأشخاص، أن هناك الكثير من البيوت التي هدمت لأنها لم تبنى على أساس صالح، أو لعدم أتفاق الأطراف، أو لعدم توافر المودة والرحمة بين الأزواج، وعلى ذلك فشرّد الكثير من الأطفال ودمرت الحياة الأسرية، فقد لا يريد الله لعبده ذلك، بل يؤجل رزقه إلى أن يكون واعيًا وناضجًا هو وشريكه لكي يؤسسوا بيت يباهي الله به ملائكته ويخرج منه الصالحين، فالقدر كله حكمة حيث يقول ابن عثيمين:
أما القدر الذي هو فعل الله فليس فيه شر؛ لأن الله لا يفعل شيئاً إلا لحكمة، حتى وإن كان شراً بالنسبة للناس فهو حكمة. {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} الفساد خير أم شر؟ شر، لكن الله قدره لمصلحة عظيمة: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. فقدر الله الذي هو تقديره ليس فيه شر، والمقدور الذي هو المخلوق هذا فيه خير وشر.
بذلك نكون وصلنا لنهاية مقال هل تأخر الزواج غضب من الله، والذي تعرفنا من خلاله على إن كان تأخر الزواج غضب من الله أم ابتلاء، وعرفنا أيضًا جزاء الصبر.
وفي النهاية يجب أن يسعى المرء لتحسين ذاته، وتطهير قلبه وتنقيه روحه بالرضا والإيمان بالقدر، وتجنب كل ما هو سلبي من أناس وكلام وأفكار، فالزق كله بيد الله، ولا يوجد وقت محددًا ليأتي، فالدعاء والاستغفار هم المفاتيح لكل خير آتي، ولكل أمنية ستتحقق.