من هو النبي الذي سماه الله ذا النون
مِن الأنبياء مَن لهم ألقاب مختلفة، فمن هو النبي الذي سماه الله ذا النون؟ وما هو سبب تسميته له بذلك الاسم؟ حيث ورُد نبي الله الملقب بذي النون عدة مرات في القرآن الكريم، فسمي بذلك الاسم نتيجة لعدة أمور .
النبي الذي سماه الله ذا النون
يوجد العديد من أنبياء الله، ومن بينهم نبي الله المُلقب بذي النون، وهو نبي الله يونس، والنون يقصد به الحوت، وسُمي نبي الله بلقب ذا النون لأن الحوت ابتلعه، وذا النون هو صاحب النون.
أرسل الله نبيه يونس لهداية قومه، ودعوتهم لعبادة الله الواحد الأحد.. ونهيهم عن المنكر والبعد عن الشرك بالله، ولكن قومه سخروا منه ولم يهتموا لدعوته وأصروا على طغيانهم وكفرهم.
فعندما وجد نبي الله يونس أن قومه لا فائدة فيهم، ولن يرجعوا عن شركهم بالله، ذهب وتركهم، ووعدهم بأن الله معذبهم لا محالة، ومن خلال ما يلي سنتعرف معًا على باقي المعلومات المتعلقة بإجابة من هو النبي الذي سماه الله ذا النون.
لا يفوتك أيضًا: فضل قراءة سورة يونس وأجرها
يونس عليه السلام في القرآن الكريم
ورد ذكر سيدنا يونس في العديد من السور القرآنية، ومنها سورة يونس والتي ورد فيها اسم سيدنا يونس صراحةً، دون ذكر لقبه، وذُكر لقبه في القرآن الكريم مرتين، وكانت الأولى في سورة الأنبياء.. والأخرى في سورة القلم.
بعث كل الأنبياء، لهداية الناس وتوضيح معاني الإسلام، وتصحيح بعض العقائد الخاطئة، والتي تكثر في المجتمع القديم، وكان الأنبياء والرسل بمثابة قدوة للاقتداء بهم، ولتبليغ رسالة الله.. وفيهم من استجاب لأنبياء الله ومنهم من لم يستجب.
قصة قوم سيدنا يونس
بعد أن علمنا من هو النبي الذي سماه الله ذا النون، نشير إلى أن الله -عز وجل- قد أرسل نبيه يونس لقوم نينوى في العراق؛ لانتشار الشرك والكفر بينهم، فحمل نبي الله يونس دعوة الله لهم والتي فيها هداية وصلاح لحالهم، بالإضافة إلى أمرهم للأمر بالمعروف.. والبعد عن المنكر.
رغم أن نبي الله يونس يحثهم على عبادة الله الواحد الأحد والبعد عن الشرك به، إلا أنهم لم يهتموا بأقواله، وكانوا ثابتين على رأيهم.. وثباتهم على دينهم ودين آبائهم.
قيل إن دعوة نبي الله يونس لقومه داومت لما يقارب ثلاثة وثلاثون عامًا، وبالرغم من ذلك إلا أنه لم يؤمن به غير رجلين اثنين فقط، فشعر يونس –عليه السلام- بالإحباط واليأس من قومه.. فذهب وتركهم متوعدًا لهم بأن الله معذبهم لا محالة.
ذهب سيدنا يونس تاركًا قومه دون أن يأمره الله بذلك، وبمجرد خروج نبي الله يونس ظهر بوادر العذاب على قومه الذي توعدهم الله به.
فاشتدت السحب السوداء، فعرف القوم أن عذاب الله قد حان، فظلوا يبحثون عن نبي الله يونس ولكنهم لم يجدوه.
في خلال بحثهم عن يونس -عليه السلام- وجدوا كهلًا ينصحهم ويرشدهم لطريق التوبة والصلاح، فاتجهوا إلى الله خاضعين له وراغبين في أن يتوب الله عليهم، فتقبل الله توبتهم بعد كل هذا العناد والكفر.
ماذا حل بسيدنا يونس بعد تركه لقومه؟
بعد خروج نبي الله يونس من مدينته نينوى، دخل على قوم وصعد معهم على السفينة، وسارت السفينة بهم في البحر، وبعدما وصلت الفلك في منتصف البحر.. اشتدت الرياح واهتزت السفينة وتمايلت.
لم يجد أهل السفينة حل إلا بعمل قرعة ومن يخسر فيها يُلقى في البحر، فخرج سيدنا يونس من القرعة وهو خاسر، فلم يُرد القوم أن يلقوه في البحر لصلاحه، فظلوا يعيدون القرعة لمدة ثلاثة مرات.. وفي كل مرة كان يونس -عليه السلام- يخسر في القرعة.
رمى نبي الله يونس نفسه في البحر لتخفيف الحمل، كما أنه كان على يقين كبير أن الله لن يتركه أبدًا، وبالفعل أرسل الله له حوتًا ضخمًا فابتلعه.
ظن نبيّ الله يونس أنه قد مات، ولكنه ظل يحرك ساقيه ويديه فوجد نفسه حيًا، فسجد لله وشكره على حفاظه له، فبقي يونس -عليه السلام- في بطن النون لمدة ثلاثة أيام، وفي ذلك الوقت كان يسمع أصواتًا غريبة.. لم يستطع فهمها فأوحى الله له أنها مخلوقات البحر تسبح الله.
شرع يونس يسبح الله مع تلك المخلوقات قائلًا: “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”، فأمر الله الحوت أن يلقي نبيه يونس على اليابس، فكان نبي الله يونس مريض وحل به السقم.. فأمر الله الأرض أن تخرج له شجر اليقطين، ليأكل منها ففيها شفاء للمرض، ولكي يستظل بها.
رجع يونس -عليه السلام- لقومه في مدينة نينوى، فوجدهم قد آمنوا بالله وموحدين به.. فعاش معهم فترة من الزمن التي كانوا فيها على نفس الصلاح والهداية.
لا يفوتك أيضًا: دعاء سيدنا يونس عليه السلام
تفسير دعاء يونس عليه السلام
استكمالًا لحديثنا عمن هو النبي الذي سماه الله ذا النون، نشير إلى مضمون دعاءه، فالدعاء في القرآن الكريم ينقسم إلى نوعين وهما.. دعاء الطلب ودعاء العبادة، ودعاء نبي الله يونس يشهد بأن الله واحد لا شريك له.
كما أنه يعد من أفضل الأدعية التي تزيد من التقرب لله تعالى، ومعناه يظهر فيما يلي:
- لا إله: بمعنى لا يوجد إلا الله الواحد الأحد، فالله ليس له شريك أو ولد.
- إلا أنت: يوجه نبي الله كلامه وخطابه على الله، فيخبره بأنه الواحد الأحد، واستخدمت كلمت أنت؛ لأن الدعاء موجه إلى الله.
- سبحانك: كلمة سبحانك هي كلمة من كلمات التسبيح، والتسبيح يعني التنزيه والتمجيد والتعظيم، فالله منزه ومعظم من كل نقص أو عيب في الأفعال والأقوال.. فالكمال لله وحده.
- إني: تعود على يونس -عليه السلام-، فيكون الدعاء من العبد الفقير إلى الله الغني، ليعينه على مصيبته ويخلصه منها.
- كنت من الظالمين: في تلك الجملة اعتراف بالذنب والخطأ، فمن أهم شروط التوبة.. هي الاعتراف بالمعصية والذنب.
الدروس المستفادة من قصة سيدنا يونس
في إطار حديثنا حول من هو النبي الذي سماه الله ذا النون، نشير إلى أنه من خلال قصة سيدنا يونس نستنتج بعض الدروس المستفادة والتي يجب تعلمها والاقتضاء بها.. وتتمثل في:
- يعرف أن المسلم مؤمن من خلال وقوعه في الشدائد وقدرته على التحمل، فالإيمان بالله هو ما يساعد على إبعاد الهم بسرعة وتقريب الفرج.
- الله يقبل توبة عباده دومًا، ولكن يجب أن تكون توبة نصوحة.
- الدعاء الذي دعاه نبي الله يونس في بطن الحوت، له العديد من الفضائل والمزايا، فبمجرد أن يدعي المسلم ربه بذلك الدعاء، يجيبه مباشرةً، كما أن هذا الدعاء لا يقتصر على نبيّ الله يونس فقط.. بل يمكن لجميع المسلمين الدعاء به.
- عبادة الله لا تقتصر على مكان معينًا.
- الله يعاقب عباده الظالمين في الدنيا أولًا ثم الآخرة.
- ضرورة التضرع إلى الله قبل نزول البلاء.
- قدرة الله لا تسعها شيء، فهي لا تقف عند حد معين، فقد حفظ الله نبيه يونس.. واستجاب له بمجرد أن طلب منه المغفرة.
لا يفوتك أيضًا: قصة حوت يونس عليه السلام
وصايا ودُرر مستخلصة من قصة نبي الله يونس
بعدما تعرفنا على من هو النبي المدعو بذي النون سنتعرف على بعض الوصايا والضرر النفيسة التي يجب التمثل بها، والتي اتضحت أهميتها من خلال قصة نبي الله يونس.. وهي تتمثل في النقاط التالية:
- الصبر، فالصبر طريق من طرق تحقيق الآمال، فيجب على الداعي أن يكون حليمًا، وذو نفس طويل.. بالإضافة إلى الإيمان بالله، وإدراك أن الله لن يتخلى عنك مهما حدث.
- كثرة التسبيح عن طريق دعاء نبي الله يونس، فهي تشمل كل كلمات التسبيح والتنزيه، وفيها اعتراف بمكانة الله وإقرار وحدانية الله.
- عدم السخط والغضب على ترتيبات الله، فخروج سيدنا يونس كان بسبب أنه ظن أن قومه لم يؤمنوا به.. وأن الله سيسمح له بأن يهدى قومًا آخرون، لأن قومه لم يستجيبوا له.
- عدم التسرع والاستعجال، فنبي الله يونس تعجل في أمر خروجه عن نينوى وتركه لقومه.. فكان يجب عليه أن يكمل أمر الله.
من قصص الأنبياء ما يُمكننا أخذ العبرة والعظة فيما نفعله اقتداءً بسيرتهم الحسنة.. ومنها قصة سيدنا يونس عليه السلام.