هل يجوز مشاهدة المسلسلات في رمضان

هل يجوز مشاهدة المسلسلات في رمضان؟ وما حكم متابعة المسلسل الديني؟ ففي شهر الخير والنفحات العطرة لا بد من الانتباه لكل فعل يتم القيام به، حتى يحصل المسلم على الأجر الكامل من الله ـ عز وجل ـ، ومن حسن إسلام المرء أن يسأل عما قد يُنقص أجره ليتجنبه، وفيما يلي نتناول قضية شائكة ما زالت هناك تخبطات في الآراء الخاصة بها كسماع الأغاني بالضبط.

هل المسلسلات تُفطر في رمضان

حينما تهلّ الأيام المباركة يهلّ معها كل ما هو طيب وجميل، فنفحات الشهر الكريم لا يمكن أبدًا أن تضاهيها أية أيام أخرى، والمؤمن يحاول أن يغتنمها بكل طريقة ممكنة، فمن المؤسف أن يدخل المرء شهر رمضان المبارك ويخرج مثلما كان بنفس القلب والشعور الحزين، ولا يتغير فيه قيد أنملة.

من هنا يمكننا التطرق إلى الحديث عن رأي الفقهاء وإجابتهم عن سؤال هل يمكن مشاهدة المسلسلات في رمضان أم لا، وهو ما يحيّر أناس عدة بسبب زيادة عدد تلك الأعمال المنتجة في الشهر الكريم، ورغبته في ألا يُفطر أو يكون صيامه بالشكل الخاطئ.

دعونا نتفق أن الصيام له نقطتين، أحدهما المُفطرات، والأخرى المُنقصات، تعد المُفطرات هي كل ما ينهى عن القيام به حتى يكون الصيام صحيحًا، وهم ثلاث أمور:

• الطعام.
• الشراب.
• الجماع ونزول المنيّ.

أي أن عدم وجود أي من تلك الأمور الثلاث في فترة الصوم لا يجعل الشخص مُفطرًا ولا يلزمه أن يعيد صيام يومه مرة أخرى، أما عن المُنقصات فهي كل عمل يقوم به المرء في أثناء يومه يُنقص من ثوابه وأجره، وعلى هذا فإن مشاهدة المسلسلات لا تُفطر في رمضان.

لا يفوتك أيضًا: بخطوات بسيطة طريقة عمل زينة رمضان في المنزل

حكم مشاهدة التلفاز في رمضان

أكمل الفقهاء إجابتهم عن إمكانية مشاهدة المسلسلات في رمضان بالاستشهاد بحديث من السنة النبوية عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ موضحين أن مشاهدة ما لا يحل كالتبرج أو الاختلاط أو الشتائم في التلفاز من الأمور التي تُنقص من أجر الصائم، وقد تذهب بالأجر بشكل كلي.

فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “رُبَّ صائِمٍ حظُّه من صيامِه الجوعُ والعَطَشُ، ورُبَّ قائِمٍ حظُّه من قيامِه السَّهَرُ.” [حسن شعيب الأرناؤوط].

المعنى من الحديث ألا يكون صومه مقبولًا عند الله تعالى وهو الإنقاص من الأجر، وهو ما يجعل من الأفضل ترك المسلسلات في شهر رمضان المبارك، وهو ما يجعلك تقوى على تركها بقية أيام السنة، فهي من مُظلمات القلوب.

مشاهدة المسلسلات في ليل رمضان

من النقاط التي نوّه عليها الفقهاء أن شهر رمضان المبارك بالنهار والليل، ولا يعد التحكم في النفس بفترة الصيام فقط، فيجب على المرء أن يضبط نفسه بألا يفعل ما هو محرم في الليل أكثر من النهار، بل إنها الفترة التي بها أجر عظيم هنيئًا لمن نال منه ولو القليل.

على هذا فإن مشاهدة ما لا يحل من المسلسلات بعد الإفطار كذلك يُنقص من الأجر، بل ويضيع على المرء فضل كبير قد يحصل عليه إن انتبه لتلك الساعات التي يقضيها أمام القنوات والتنقل ما بين واحدة والأخرى إلى أن يحلّ وقت السحور.

لا يفوتك أيضًا: دعاء وداع شهر رمضان مكتوب ادعية وداع وختام رمضان مستجابة

المسلسلات إضاعة لأجر عظيم

الأفضل أن ينتبه العبد لأن يقوم بأداء العبادات المحببة في تلك الأيام المباركة، بدلًا من مشاهدة التلفاز وإضاعة فضل أن تُعتق رقبته من النار بسبب أنه أقام جزءًا من الليل! أو أنه انتبه وكبح شهوته عن المشاهدة في وقت صيامه.

فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: ” مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ” [صحيح البخاري].

أي أن رمضان به نفحات عطرة من الله تعالى، والمسلم في حاجة لأن يكون من الحاصلين عليها، فمن يقوم للصلاة بليل رمضان يُغفر له كل ما مضى من ذنوبه وما سوف يرتكبه، فكيف أن نضيع مثل ذلك الأجر العظيم من أجل مسلسلات لا تُفيد.

هناك بعض الفقهاء اتبعوا تلك الإجابة بأن يوم القيامة سوف يحاسب المرء على كل فرض فاته، وكل عمل قرّبه من الله تعالى كالصلاة والقيام والذكر، لا على كم مسلسل شاهده وهو ما قد يحفزه على أداء العبادات في الشهر الكريم على أكمل وجه.

كما أن الصوم تقوى لله ـ عز وجل ـ وطاعة لأوامره، فيجب أن يتم اتقاء صومه وأداؤه على أكمل وجه، وأن يتم الابتعاد عن أي من المحرمات أو منقصات الأجر؛ وبعدها يجد العبد عند ربه أجر تركه وكبحه لشهوته حتى وإن كانت مشاهدة المسلسلات.

كبح الشهوات في الصوم بالسنة النبوية

من ضمن الأدلة النبوية التي تساعد في فهم حكم مشاهدة المسلسلات في نهار أو ليل رمضان هو ما تم نقله عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ على لسان أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ:

“مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ” [صحيح البخاري].

يتضح في ذلك الحديث معنى أن أجر الصيام لا يتوقف على أن يتم ترك الطعام أو الشراب فقط، بل إنه تحقيق للتقوى ومقاصده عظمى في كبح الشهوات عن كل شيء منقص للأجر أو محرم غير الطعام والشراب.

فالمقصود هو تهذيب النفس وأن يتم إصلاحها، لكي يخرج العبد من شهر رمضان الكريم وهو يشعر بالتغيير، وبقلب نقي وتقي قادر على مواجهة كل مغريات الحياة دون أن تزل قدميه بنفس السهولة.

فيظهر في الحديث الشريف أن الكذب أو قول الزور من الأمور المُنقصة من أجر الصوم، ولم يتم إيضاح أنه يجب أن يُفطر لذلك ولكنها من الأفعال المُخذية والمقللة من أجر تلك العبادة العظيمة، وهو ما نأخذ منه تعظيم المعاصي في فترة الصوم حتى وإن كانت غير مُفطرة.

لا يفوتك أيضًا: فرض صيام رمضان في السنة النبوية

حكم مشاهدة المسلسلات الدينية في رمضان

هناك نوع من المسلسلات يكون هادف ومتناول قصة دينية أو تعاليم أخلاقية حسنة بمشاهد كرتونية، وذلك لا بأس في مشاهدته أثناء شهر رمضان أو خارجه، خاصةً للأطفال لكي يتعلموا بالشكل الأقرب لقلبهم.

لكن في حالة كان هناك في تلك المسلسلات أي إخلال بالأحداث أو إساءة للشخصيات أو تجسيدها، أو أن تكون المشاهد خالية من المبادئ والتعاليم الدينية، فمن الواجب الإعراض عنها، ومحاولة أخذ المعلومات الدينية من فم الفقهاء في الدين.

ما المسلسلات الجائزة في رمضان؟

من ضمن الأمور التي أوضحها الفقهاء هي أن الأمر لا يكمن في مهاجمة الفنون أو الآداب، ولكن الفكرة في أن يتم إرشاد العبد المسلم للصواب، وألا يتم إضاعة فرصة كبيرة بأجر عظيم من أجل بعض المشاهد المُخلة بتعاليم الدين.

عقب ذلك أوضحوا أنه لا يأثم المسلم في حالة رأى أي برنامج هادف في نهار رمضان أو ليله، أو أن يشاهد المسلسلات الخالية من أي شكل من أشكال تدمير الأخلاق، القيّم أو تكون مخالفة لتعاليم الدين الإسلامي، مع ضرورة الموازنة وألا تأخذ وقتًا أكبر من وقت العبادات في اليوم.

لا يفوتك أيضًا: 5 أشياء من مبطلات الصيام عند الرجل في رمضان

الصائم ينشغل بعبادة الله

على العبد أن يُدرك ماهية الشهر الكريم، وأن المطلوب من المسلم أن ينشغل بعبادة ربه عن أي شيء آخر خاصةً في تلك الأيام المباركة، فلا يقوم الشهر على الصيام فقط وبقية اليوم يذهب هباءً، بل على المسلم أن ينشغل بعبادة ربه كالذكر، القيام ـ صلاة التراويح ـ، تلاوة القرآن الكريم بما تيسر منه والتصدق وغيرها من الأمور التي نقتدي بها برسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ.

فاغتنام تلك الفرصة ورؤية أثر أجرها على حياتك وفي الآخرة أفضل من الجلوس أمام التلفاز ومشاهدة كل أنواع المسلسلات المعروضة بلا شك، فحاول أن يكون العتق من النار هو هدفك في تلك الأيام، وألا تضيع مثل ذلك الأجر العظيم.

رمضان شهر العبادة ونفحات الخير التي تعد فرصة لكي يخرج الإنسان من كل ذنوبه ومظلمة قلبه طيلة الأيام السابقة له، فاغتنم تلك الفرصة ولا تضيع أجر عظيم.